العوامل المؤثرة في تشكل أشكال سطح الأرض
ولكن على الرغم من تقسيم العوامل المؤثرة في تشكل التضاريس وتطورها إلى داخلية وخارجية وبطيئة وسريعة، فلا يمكن فصل بعضها عن بعض، لأنها كل متكامل، وتشكل منظومة واحدة. ولتسهيل الدراسة لابد من دراسة كل منها على حدة.
العوامل الباطنيةالمؤثرة في تشكل اشكال سطح الارض
- أ ـ البراكين: تشمل عملية البركنة جميع العمليات التي تندفع بوساطتها المواد الصلبة والسائلة والغازية من أعماق الكرة الأرضية إلى السطح مشكلة المخاريط والقباب والأغشية البركانية، وتشكل الكسور والشقوق ومناطق الضعف في القشرة الأرضية ممرات للمهل magma والمواد البركانية (اللابات) الأخرى [ر.البركان].
- ب ـ الزلازل: هي حركات فجائية سريعة جداً تعتري سطح القشرة الأرضية، وتكون على شكل هزات أفقية أو شاقولية أو رحوية، تنطلق من مركز عميق داخل الأرض نحو مركز سطحي، ومنه تتوزع نحو الأطراف [ر.الزلزال].
- ج ـ الالتواءات fols: تتعرض الطبقات الصخرية المؤلفة من المواد الرسوبية المكدسة بعضها فوق بعض في المقعرات الأرضية، إلى حركات بنائية (تكتونية)، وخاصة قوى الضغط الجانبي التي تؤدي إلى تشكل تموجات أو التواءات. وتعد هذه العملية من العمليات الباطنية البطيئة، إذ يتطلب تشكلها آلاف بل ملايين السنين، وتشكل المحدبات والمقعرات التي يُطلق عليها اسم التضاريس الالتوائية. وتتألف كل واحدة من هذه الطيات أو الالتواءات من العناصر الآتية: المحدب والمقعر والجناحان والمفصلة والمستوى المحوري ومحور الطية. ولما كانت عمليات الضغط متباينة من حيث الشدة والاتجاه، والصخور الرسوبية متباينة من حيث الثخانة والصلابة والنوع، نتج عنها أشكال مختلفة من الالتواءات البسيطة حتى المركبة. وأهم أنواع الطيات البسيطة التي تشاهد في الطبيعة الطيات المتناظرة والطيات المائلة والشديدة الميل والمتوازية والمقلوبة والنائمة، والطية على شكل الركبة والمروحية والعرفية والصندوقية. أما الطيات المركبة فتتكون من الطيات الجوراسية وهي طيات متناظرة ومنتظمة من حيث التباعد والارتفاع، كما هي الحال في جبال الجورا الفرنسية ـ السويسرية ومن الالتواءات الألبية والأغشية المسحوبة، وتكون الطيات فيها غير متناظرة ومعقدة نسبياً، وكما هي الحال في جبال الألب السويسرية.
ومن الملاحظ أن الجبال الالتوائية الحديثة تمتاز بتشابه عام فيما بينها من حيث الاتجاه والارتفاع، إذ تكون ذات ارتفاع كبير وجوانب شديدة الانحدار لعدم توغل التعرية فيها بعد. وتتجه من الغرب إلى الشرق في آسيا وأوربة، أما في العالم الجديد فتتجه من الشمال إلى الجنوب، أما غالبية الجبال الالتوائية القديمة فقد تعرضت لأعمال الحت والتعرية، وتحول بعضها إلى تلال لاطئة في الوقت الحاضر.
- د ـ الصدوع Defaults: تقوم الحركات البنائية بدور مهم في رسم معالم سطح الأرض، فإذا كانت هذه الحركات شديدة، والصخور التي تتأثر بها صلبة وقليلة المرونة، فإنها تتكسر وتشكل كتلاً من الصخور المخلعة، تفصل بينها صدوع تختلف أهميتها تبعاً لقوة الحركة وتجاوب الطبقات الصخرية، وينتج عن ذلك تحرك الطبقات الصخرية أفقياً أو شاقولياً أو الاثنين معاً. من هنا فإن الفالق هو انكسار يصيب الطبقات الصخرية، ويؤدي إلى تشويه هندستها. وتصادف الصدوع في سائر أنواع صخور القشرة الأرضية بدرجات مختلفة، ويتميز كل صدع بعناصر أساسية هي: 1ـ رمية الصدع، 2ـ شفتا الصدع، 3ـ مضرب الانكسار، 4ـ زاوية الميل، 5ـ مرآة الصدع، 6ـ الحافة الانكسارية، 7ـ النطاق الانكساري.
أما من حيث أنواع الصدوع، فإنها تُصنف عادة تبعاً لمعدلات تحرك الكتل الصخرية وزحزحتها على جانبي خط الصدع، ويمكن تمييز الأنواع الآتية من الصدوع:
- ـ الصدع العادي أو الموافق: ويكون فيه أحد الجانبين قد انزلق نحو الأسفل باتجاه مستوى الصدع.
- ـ الصدع المعاكس: وهو الصدع الذي يميل فيه مستوى الصدع لجهة المرتفع، وتأخذ فيه الشفة العليا المستلقية وضعاً هابطاً، والشفة السفلى المعلقة وضعاً مرتفعاً.
- ـ الصدوع السلّمية: وتنشأ عندما يحدث عدد من الصدوع مختلفة المدى، ويكون النزول على القطاعات بوساطة زمرة من المدرجات المتتابعة.
- ـ الصدع المتباعد أفقياً: وتكون الحركة أفقية وموازية لخط ظهور الانكسار.
- ـ الصدوع المركبة: ويحدث فيها أن تهبط الطبقات والكتل الصخرية بين كسرين، وينشأ عن ذلك إما منخفض يسمى أخدوداً أو غوراً graben، وأحياناً يحدث العكس فترتفع كتلة صخرية وسطى نحو الأعلى فيتشكل نجد horst.
العوامل الخارجية
تتلخص هذه العوامل بأوجه النشاط السائدة في الغلاف الجوي، وبنشاط التجوية weathering والنقل والحت والترسيب.
- أ ـ العوامل الجوية: وينتج عنها التجوية الفيزيائية التي تؤدي إلى تفتت الصخور وتجزئتها من دون أن يرافق ذلك أي تبدل في خواصها الكيمياوية، ومنها التجوية الحرارية التي ينجم عنها تمدد مكونات الصخوروتقلصها، مما يؤدي إلى إضعاف بنية الصخور وتماسكها. وأكثر ما يتأثر بهذه الظاهرة الطبقات الصخرية السطحية، وأثر الجليد الذي يتمثل في تفتيت الصخور تحت تأثير عملية التجمد والذوبان للماء الموجود في شقوق ومسامات الصخر، وما يرافق ذلك من ازدياد بحجم الجليد بنسبة 9%، مما يؤدي إلى تشكل ضغط على الصخر، ومن ثم تفلقه.
أما التجوية الكيمياوية فتتمثل بالعلاقة بين الصخر والمياه المشبعة بالأحماض التي ينجم عنها تبدل في بنية الصخر وتركيبه الكيمياوي. ويخضع لهذه العملية الصخور القابلة للتحلل
الكيمياوي كالصخور الكلسية. والتجوية الحيوية تتم تحت تأثير بعض الكائنات الحية التي تسهم في تفتيت جزيئات الصخر.
تؤدي جميع العمليات السابقة إلى تفتيت الصخور بأشكال مختلفة، يُطلق عليها اسم مخلفات التجوية. وهذه المخلفات لا تبقى مكانها، بل تتحرك تحت تأثير عوامل عدة، وبالنهاية تتجمع هذه المواد على شكل رواسب لها أنظمتها وأشكالها الخاصة التي تؤثر في طبيعة تجمعها عوامل عدة، منها العوامل المناخية والجيولوجية. وعامة تكون المنخفضات وقيعان البحار والمحيطات والبحيرات والمنخفضات المغلقة المطاف الأخير لهذه المواد التي تتكدس بعضها فوق بعض عبر آلاف وملايين السنين. ويسهم في عملية التجوية أيضاً الأمواج البحرية التي تقوم بلطم الشاطئ وتفريغ الخط الشاطئي، مما يؤدي إلى تراجعه وتشكيل نماذج مختلفة من أشكال التضاريس الساحلية.
أمثلة
- أ ـ التضاريس الناشئة عن بنية أفقية: ففي زمرة من الطبقات الصخرية الرسوبية الأفقية الطرية والصلبة المتناوبة، يقطع الحت أشكالاً تكون خطوطها الموجهة أفقية أيضاً. ويحتفظ مقطع السفوح لمدة طويلة بتعاقب شرفات وجروف تتناوب وانحدارات لطيفة الانحدار. وهكذا تظهر هضاب تحوي حافاتها على درجات منتظمة. ويكون كل من هذه الهضاب عبارة عن ظهر طبقة صخرية أفقية قاسية قشط الحت الطبقة الرخوة العليا عنها، وهو ما يدعى بالسطح البنيوي. وإذا استمر الحت أكثر، تنفصل عن الهضبة وتدعى بالتلال الشاهدة.
- ب ـ الطبقات المائلة: إذا كانت الطبقات الرسوبية الطرية والقاسية والمتناوبة مائلة قليلاً، تتكون بنية تضاريس وحيدة الميل، وتتشكل على أساسها الضلوع (الكويستا) cuesta، وتشتمل الضلوع على جبهة، هي عبارة عن جرف ناجم عن انقطاع الطبقة الصلبة والطرية دونها. ويكون المقطع الأمامي للجبهة مؤلفاً من قسمين، في الأعلى جرف قاس شديد الانحدار، وفي الأسفل الطبقة الطرية على شكل منحدر تغطيه الأنقاض. وقد تحزز الكويستا بالأنهار، فالنهر الذي يسيل وفق ميل الطبقات يدعى بالنهر الموافق، أما الأنهار التي تلازم قدم جبهة الكويستا فتسمى الأنهار اللاحقة. وقد يكون شكل الكويستا مشرشراً بسبب الحت التراجعي، وهناك تمايز كبير في نسبة تحزز الجبهة، وذلك لأسباب كثيرة أبرزها الحت الاصطفائي، وإذا وصلت درجة ميل الطبقات الصخرية إلى 45درجة، يتشكل نموذج من الضلوع تُعرف بـ هوغ باك Hogback.
- ج ـ التضاريس الالتوائية: يمكن أن تكون الصخور الرسوبية ملتوية بصورة خفيفة أو شديدة، وبشكل متناظر أو غير متناظر، ولكل نموذج تطوره الخاص. وفي حال وجود تعاقب منتظم من الطيات، فإن الحت يعمل على بري الطبقات الرخوة بسرعة أكبر من التأثير في الطبقات القاسية. وكل جبل التوائي يحتوي على مجموعة من العناصر أهمها، المحدب (السنام) والمقعر والكومب (السنام المفرغ) والروز (الخانوق) وهو واد صغير محفور في خاصرة المحدب. ولتطور التضاريس والعمليات الحتية، تصل سوية الأنهار إلى مستوى أخفض من المحدبات، أي تصير المحدبات أخفض من المقعرات، وهنا نصل إلى مرحلة تسمى انقلاب التضاريس. ولكن إذا نهضت المنطقة بعد وصولها إلى مرحلة الهرم، فإن الحت سيتجدد ويعمل في الطبقات الطرية، وتبرز الصخور القاسية، ويظهر نموذج من التضاريس الالتوائية هو التضريس الأبالاشي، إذ تكون القمم في هذه الحالة على سوية واحدة ممثلة لدورة سابقة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق